ولد أوداع : رجل العشرية الذي حمل لواء الوفاء

خميس, 20/06/2019 - 19:46

في أول حكومة شكلها الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد الاغظف بعد إطاحة قادة الجيش بالرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في الأسبوع الأول من شهر أغشت عام 2008 كانت احتفالات خجولة تخرج في مدن عديدة بالولاية تضامنا مع المجلس العسكري الذي أطاح بأول رئيس ينتمي لولاية لبراكنة وقد ضمت تلك الحكومة رجلا كان قد برز بشكل لافت وخاطف قبل ذلك بسنتين ثم ابتعد عن الأضواء طيلة العهد المدني بسبب معارضته لولد الشيخ عبد الله في انتخابات 2007.

 

لم يكن الرجل المعني سوى الإطار بالشركة الوطنية للصناعة والمناجم محمد عبد الله ولد أوداع الذي تولى لاحقا منصب المدير الإداري العام لها ثم وزيرا في حكومات عديدة تعاقبت على إدارة البلد خلال العشرية المنصرمة.

 

 

 

دفع الجيش بولد أوداع إلى الواجهة كوزير للصناعة والمعادن في أول حكومة شكلت بعد أيام من الانقلاب وأسند له مهمة ملء الفراغ في ساحة سياسية كانت تغلي ضد الحكام الجدد للبلاد في وقت لا تزال الآمال فيه قائمة بعودة الشرعية والرئيس المنتخب لمزاولة مهامه الدستورية بضغط غربي أصيب المراهنون عليه في النهاية بالخيبة والإحباط.

 

استمات ولد أوداع في الدفاع عن الحكم الجديد واعتبر تحرك الجيش تغييرا بناءا يستوجب النصرة والإسناد ودعا رئيس المجلس الأعلى للدولة إلى الترشح لنيل ثقة الشعب في انتخابات رئاسية أجريت بعد عام وفاز في جولتها الأولى.

 

 

بعد الانتخابات كانت المنطقة قد بدأت تتعايش مع الواقع الجديد وبدأت النخب تتهيأ لأول حملة انتساب نظمها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الوليد انبثقت عنها هيئات حزبية محلية وجهوية كانت الكلمة الأولى والأخيرة فيها لولد أوداع الذي أهله الأداء السياسي المقنع في تلك الفترة لنيل ثقة مطلقة في دوائر الحكم وأجنحته المختلفة وشكل تحالفا قويا سيطرة على المشهد السياسي لسنوات عديدة.

 

 

 

وبحكم النزعة الرافضة التي جوبه بها انقلاب السادس من أغشت 2008 ودفاع الوزير المستميت عن الحكم الجديد واجه ولد أوداع حملات إعلامية شرسة وتصدى لأكثر من عاصفة كانت تستهدف النيل منه وإزاحته من موقعه، كما استطاع تجاوز هزات عنيفة واجهته مرات عديدة، وتنامت الثقة فيه بقدر تنامي جماعته السياسية التي استطاعت خلال سنوات أن تحقق من التمدد والتأثير ما عجزت عنه مختلف الأحلاف والجماعات السياسية في تاريخ الولاية.

 

وقد تعرض ولد أوداع لهجوم ممنهج من طرف خصومه في إحدى الزيارات الرئاسية ووجهت له أصابع النقد والاتهام أمام رئيس الجمهورية الذي احتوى الموقف ودافع عن حليفه الوفي بشكل علني وصريح أقنع الحاضرين قناعة لا يوازيها رسوخا غير رسوخ قناعة الرجل بالمشروع الذي آواه واحتضنه يوم الإعلان عنه في "البيان رقم واحد".

 

ومع حملة الانتساب الأخيرة شهدت مختلف الأحلاف السياسية إعادة صياغة جديدة أملتها ظروف طارئة فوجد ولد أوداع نفسه في حلف لم يتهيأ له من الظروف ولا من الوقت أو الدراسة ما يكفي لإقامته، وقد استطاع بمفرده أن يشكل أزيد من 100 وحدة قاعدية مكتملة لكن معطيات أخرى نتجت عن اجتماع رفيع المستوى شارك فيه ولد أوداع نفسه في مكتب قائد الأركان أدت لإبعاد مجمل مرشحيه من الحزب وسمح له بالمنافسة على مقعد في البرلمان عن دائرة ألاك.

 

 

 

وبموجب خطة حزبية أقرت في مستويات عليا تعين على ولد أوداع أن يدفع بأحد رموز جماعته إلى الانتخابات البرلمانية مدعوما في ذلك من طرف جميع منتسبي حزب الاتحاد على مستوى بلديتي ألاك وأغشوركيت في حين ينافس زعيم الإصلاح والتجديد علي ولد عيسى على المقعد الثاني من حزب الكرامة، مدعوما بجميع منتسبي الحزب في بلديتي جلوار ومال بينما يصوت منتسبو الحزب في بلديتي بوحديده وشكار للائحته وهي خطة تهدف لفوز أحزاب الأغلبية بالمقاعد النيابية الثلاثة قبل أن تصل تعليمات جديدة قضت بتجميد لائحة الكرامة وسحب دعم منتسبي الحزب في بلديتي ألاك وأغشوركيت دعمهم للائحة الحراك المشتركة بين ولد أوداع وجماعة ولد أحمد شلا قبل انطلاق عملية التصويت بنحو 72 ساعة وتستثنى من هذا التعميم الكتلة الانتخابية التابعة لحلف البشائر.

 

كان ولد أوداع في تلك الأثناء غارقا في تسيير تجاذبات الأحلاف السياسية بولاية اترارزة التي تولى إدارة الحملة فيها وتراخت جماعته المحلية في عمليات التعبئة والتحسيس لمواجهة التطور الجديد وهو ما نجم عنه خسارته للمقعد البرلماني لأسباب ليس أقلها صعوبة التعبئة في خمس بطاقات تصويت يضم بعضها أزيد من تسعين لائحة ويتوجب التصويت في مختلفها لشعار الاتحاد من أجل الجمهورية في حين يتعين على ناخبي جماعة أوفياء وحدهم التصويت لصالح لائحة الحراك في النواب.

 

 

 

ورغم قسوة الظروف والغياب الحتمي للوزير المسؤول عن حملة ولاية كاملة استطاعت أوفياء بمفردها أن تحصد ثقة أزيد من 5000 ناخب بمقاطعة ألاك وإن كانت خسرت مقعدها في البرلمان بفارق لا يصل 300 صوت.

 

لم يؤثر خروج الوزير من الحكومة عقب الانتخابات الأخيرة لا على دعمه القوي للرئيس محمد ولد عبد العزيز و نظامه و لا على شعبيته في ولاية لبراكنة و هو ما عكسته كل المناسبات من مهرجان دعم المرشح في ألاك يوم 16 مارس مرورا بمهرجان ألاك الذي حضره المرشح يوم 8 يونيو و النشاطات التي تخللت الحملة و آخرها السهرة الانتخابية الكبيرة التي نظمتها جماعته دعما لغزواني بألاك الليلة الماضية و التي حضرها طاقم حملته على مستوى الولاية إضافة إلى الآلاف من أنصار الوزير

 أما واقع الجماعة وموقفها اليوم مما يجري في الساحة فيجيب عنه الفيديو التالي: